الأربعاء، 10 يوليو 2024

[zmn1.com] إن الحلال بَيّنٌ وإن الحرام بينٌ

إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُوْرٌ مُشْتَبِهَات لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاس، ِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرأَ لِدِيْنِهِ وعِرْضِه، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ. أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً. أَلا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهيَ القَلْبُ)*
📚 رواه البخاري ومسلم.

🌹 شرح الحديث:
🔸 في هذا الحديث قسمت الأحكام إلى:
- حلال بيّن كلٌّ يعرفه.
- حرامٌ بيّن كلٌّ يعرفه.
- مشتبه لا يعرف هل هو حلال أوحرام؟ 
وأسباب الاشتباه أربعة:
1️⃣ قلة العلم.
2️⃣ قلة الفهم: أي ضعف الفهم، وذلك بأن يكون صاحب علمٍ واسعٍ كثير، ولكنه لا يفهم، فهذا تشتبه عليه الأمور.
3️⃣ التقصير في التدبر: بأن لا يتعب نفسه في التدبر والبحث ومعرفة المعاني بحجة عدم لزوم ذلك.
4️⃣ سوء القصد: بأن لا يقصد الإنسان إلا نصر قوله فقط بقطع النظر عن كونه صواباً أو خطأً.

🔸وهذه المشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ويعلمهن كثير، فكثير لا يعلم وكثير يعلم، فلو قال ﷺ: لا يعلمهن أكثر الناس لصار الذين يعلمون قليلاً.
إذاً فقوله *لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ* إما لقلة علمهم، وإما لقلة فهمهم، وإما لتقصيرهم في المعرفة.
*فَمَن اِتَّقَى الشُّبُهَاتِ*: أي تجنبها.
*فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ*: أي أخذ البراءة.
*لِدِيْنِهِ*: فيما بينه وبين الله تعالى.
*وَعِرْضِهِ*: فيما بينه وبين الناس، لأن الأمور المشتبهة إذا ارتكبها الإنسان صار عرضة للناس يتكلمون في عرضه بقولهم: هذا رجل يفعل كذا وكذا.
*وَمَنْ وَقَعَ فَي الشُّبُهَاتِ*: أي فعلها.
*وَقَعَ في الحَرَامِ*: هذا الجملة تحتمل معنيين:
أن ممارسة المشتبهات حرام، والمعنى الثاني أنه ذريعة إلى الوقوع في المحرم.
*كَالرَّاعِي*: أي راعي الإبل أو البقر أو الغنم.
*يَرْعَى حَوْلَ الِحمَى*: أي حول المكان المحمي.
*يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ*: أي يقرب أن يقع فيه.
*أَلاَ وإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارمُهُ*: ألا وإن حمى الله محارم الله، "محارم الله: هي كل ما حرمه الله تعالى من الصغائر والكبائر"
*أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةٌ*: أي قطعة لحم بقدر ما يمضغه الإنسان عند الأكل.
*إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ*: فمتى صلح القلب صلح الجسد، وإذا فسدت فسد الجسد كله.
والقلب هو الذي يُمتحن عليه الإنسان يوم القيامة، كما قال الله تعالى:*(أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ*وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ)*

👈🏼 وفي الحديث ردٌّ على العصاة الذين إذا نهوا عن المعاصي قالوا: التقوى هاهنا وضرب أحدهم على صدره، فاستدل بحق على باطل، 
لأن الذي قال: التَّقْوَى هَاهُنَا هو النبي ﷺ ومعناه في الحديث: إذا اتقى ما هاهنا اتّقت الجوارح،
لكن هذا يقول: التقوى هاهنا يعني أنه سيعصي الله، والتقوى تكون في القلب.
✅ والجواب عن هذا التشبيه والتلبيس بأن نقول:
لو صلح ما هاهنا، صلح ما هناك، لأن النبي ﷺ قال: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّه، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ.