الأربعاء، 5 أكتوبر 2022

[zmn1.com] احسن القصص

‏سورة يوسف نزلت في عام الحزن .. هي السورة الوحيدة في القرآن، التي تقص قصة كاملة بكل لقطاتها .. لذلك قال الله تعالى عنها: أنه سيقص على النبي (صلى الله عليه وسلم) "أحْسنَ القَصَص".
‏وهي أحسن القصص بالفعل كما يقول علماء الأدب، وخاصة المتخصصين في علم القصة .. فهي تبدأ بحلم، وتنتهي بتفسير هذا الحلم ..

‏من الطريف أن 
‏قميص يوسف:
‏- استُخدم كأداة براءة لإخوته .. فدل على خيانتهم.
‏- ثم استُخدم كأداة براءة بعد ذلك ليوسف نفسه مع إمرأة العزيز فبرَّأه.
‏- ثم استخدم للبشارة .. فأعاد الله تعالى به بصر والده.

‏نلاحظ أن معاني القصة متجسِّدة .. وكأنك تراها بالصوت والصورة .. وهي من أجمل القصص التي  يمكن أن تقرأها ومن أبدع ما تتأثر به ..

‏لكنها لم تجيء في القرآن لمجرد رواية القصص .. وهدفها جاء في آخر سطر من القصة وهو:
‏(إنَّهُ مَن يتَّقِ ويَصبر، فإنَّ اللهَ لايُضيعُ أجرَالمُحسِنين)

‏فمحور القصة الأساسي هو:
‏- ثق في تدبير الله.
‏- اصبر.
‏- لا تيأَس.

‏الملاحظ أن السورة تمشي بوتيرة عجيبة .. مفادها أن الشيء الجميل، قد تكون نهايته سيئة والعكس..!
‏- فيوسف أبوه يحبه، وهو شيء جميل، فتكون نتيجة هذاالحب أن يُلقى في البئر!
‏- ثم الإلقاء في البئرشيء فظيع .. فتكون نتيجته أن يُكرَم في بيت العزيز.!
‏- ثم الإكرام في بيت العزيز شيء رائع .. فتكون نهايته أن يدخل يوسف السجن.! 
‏- ثم أن دخول السجن شيءٌ بَشِع .. فتكون نتيجته أن يصبح يوسف عزيز مصر.!

‏الهدف من ذلك:
‏- أن تنتبه أيها المؤمن، إلى أن تسيير الكون شيءٌ فوق مستوى إدراكك .. فلا تشغل نفسك به ودعه لخالقه يسيِّره كما يشاء .. وفق عِلمه وحِكمته.
‏- فإذا رأيت أحداثاً تُصيبُ بالإحباط ولم تفهم الحكمة منها فلا تيأس ولا تتذمَّر .. بل ثِق في تدبير الله، فهو مالك هذا المُلك وهو خير مُدبِّر للأمور ..

‏كما يفيد ذلك:
‏- أن الإنسان لا يجب أن يفرح بشىء قد يكون ظاهره رحمة لكنه يحمل في طياته العذاب أوالعكس

‏العجيب أنك في هذه السورة، لا تجد ملامح يوسف النبي، بل تجدها في سورة "غافر".
‏- أما هنا فقد جاءت ملامح يوسف الإنسان .. الذي واجه حياة شديدة الصعوبة منذ طفولته ولكنه نجح.
‏- ليقول لنا: إن يوسف لم يأتِ بمعجزات .. بل كان إنساناً عاديَّاً ولكنه اتَّقى الله فنجح.!
‏- وهي عِظة لكل شاب مُسلم مُبتَلى أو عاطل ويبحث عن عمل. 
‏- وهي أمل لكل مَن يريد أن ينجح رغم واقعه المرير.

‏هي أكثر السور التي تحدَّثت عن اليأس.
‏- قال تعالى: 
‏*فلمَّا استَيأسوا منهُ خَلَصوانَجِيَّا (٨٠).
‏*ولا تيأسوا مِن رَوحِ الله .. إنَّهُ لا ييأسُ مِن رَوحِ الله إلا القومُ الكافِرون (٨٧).
‏*حتى إذا استيأس الرسلُ وظَنُّوا أنَّهُم قد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا (١١٠).

‏- وكأنها تقول لك أيُّها المؤمن:
‏• إن اللهَ قادر .
‏• فلِمَ اليأس؟

‏إن يوسف رغم كل ظروفه الصعبة، لم ييأس ولم يفقد الأمل . . فهي قصة نجاح في الدنيا والآخرة: 
‏- في الدنيا: حين استطاع بفضل الله ثم بحكمته في التعامل مع الملِك، أن يُصبح عزيز مصر ..
‏- وفي الآخرة: حين تصدَّى لامرأة العزيز ورفض الفاحشة ونجح ..

‏لقد نزلت هذه السورة في عام الحزن على رسول الله صلى الله عليه و سلم في أشد أوقات الضيق وهو على وشك الهجرة وفراق مكة ..

‏هذه السورة كما قال العلماء: 
‏*ما قرأها محزون ٌإلا سُرِّي عنه.
‏تولى الله أمر يوسف، 
‏* فأحوج القافلة في الصحراء للماء .. ليخرجه من البئر!
‏* ثم أحوج عزيز مصر للأولاد .. ليتبناه!
‏* ثم أحوج الملك لتفسير الرؤيا..ليخرجه من السجن.
‏* ثم أحوج مصر كلها للطعام  .. ليصبح عزيز مصر.

‏إذا تولى الله أمرك .. هيأ لك كل أسباب السعادة 
‏وأنت لاتشعر فقط قل بصدق
‏ {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} .

‏فقط فوّض أمرك

Sent from my iPhone