السبت، 22 نوفمبر 2014

[zmn1.com] تفسيرد/ راتب النابلسي





 
تفسيرد/ راتب النابلسي 
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ
 
أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60) ﴾
 
.( سورة الفرقان)
 
 حينما تسأل بحرف (ما) فإنَّك تنكر الصفات، هو استفهامٌ إنكاري،
 
إنَّك تنكر الصفات، لكنَّك إذا استفهمت بـ (من) فلعلَّك تنكر الذات:
 
﴿ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا (60) ﴾
 
 أنسجُدُ هذا إصرارٌ على الاستكبار، حينما جاءت كلمة أنسجد مرَّةً ثانية
 
 إن هذا إصرارٌ على الاستكبار، واستكبارٌ ثالث:
 
﴿ أَنَسْجُدُ (60)
 
لم يقولوا: أنسجد لله:
 
﴿ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا (60) ﴾
 
 كأنَّهم يترفَّعون عن ذكر اسم الله عزَّ وجل:
 
﴿ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60) ﴾
 
 إنَّ دعوتهم إلى السجود زادتهم نفوراً، هذه صورةٌ صارخة،
 
صورةٌ من صور الكفر والجحود، وكأن الله سبحانه وتعالى يسلِّي نبيَّه الكريم،
 
 أن يا محمَّد لا تجزع إذا كذَّبوك، لا تجزع إذا جحدوا نعمتك،
 
إنهم بالله يجحدون، إنهم يكذِّبون الله عزَّ وجل، إنهم يستكبرون على الله. 
 
الاستكبار و الاستنكاف عن عبادة الله
 
قال تعالى:
 
﴿ لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ
 
 وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ(172)﴾
 
( سورة النساء )
 
 هناك من يستنكف عن عبادته، وهناك من يستكبر، قال تعالى:
 
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ(206) ﴾
 
( سورة البقرة )
 
تفسيرد/ راتب النابلسي 
 
قال تعالى: 
 
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا
 
وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60) ﴾.(سورة الفرقان)
 
ربَّما ليس في القرآن الكريم آيةٌ أشدَّ وصفاً لجحود الكفار، واستهانتهم، واستكبارهم كهذه الآية:
 
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ (60) ﴾
 
 للكفَّار:
 
﴿ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ (60) ﴾
 
 اخضعوا له، استجيبوا له، صلَّوا، طبِّقوا أمره،
 
 هذه المفردات كلُّها مما تعنيه كلمة اسجدوا. 
 
ليس الكفر أن تنكر وجود الله عزَّ وجل ولكن الكفر أن تُعرض عنه ولا تعبأ بأمره:
 
﴿ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ (60) ﴾
 
 لم يقولوا: ومن الرحمن ؟ لأنهم لو قالوا:
 
من الرحمن إنهم بهذا ينكرون الذَّات، أما حينما قالوا:
 
وما الرحمن ؟ إنهم يُنكرون الصفات،
 
هم يقرِّون بوجوده ولكن وما الرحمن حتى نسجد له ؟
 
 لذلك ليس الكفر أن تنكر وجود الله عزَّ وجل ؛ ولكن الكفر أن تُعرض عنه،
 
 ولكن الكفر أن لا تقيم لأوامره قيمةً،
 
 ألا تعبأ بأمره ولا بنهيه، ولا بوعده ولا بوعيده،
 
ولا بشرعه ولا بقرآنه، الكفر أن تعرض،
 
 أن تدير ظهرك لأوامر الله عزَّ وجل، قال تعالى:
 
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ (60) ﴾
 
( سورة الفرقان )
 
 فرعون قال هذا الكلام، قال:
 
﴿ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ(23) ﴾
 
( سورة الشعراء )

 


 



  
وما مِنْ كاتـبٍ إلاَّ سَيَفنَـى ويُبقِى الدَّهـرُ ما كَتَبَتْ يــداهُ

 فلا تكتُب بِكَفِّـكَ غيرَ شىءٍ يسُرُّك يـومَ القيـامةِ أن تــراهُ