الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

(¯`*•أهـل الشام•*´¯) روايات صحيحة مختارة من حياة الصحابة - المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار رضي الله عنهم قصة عبد الرحمن بن عوف مع سعد بن الربيع - صبر الأنصار عن اللّذات الدنيوية والأمتعة الفانية والرضاء بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه و سلم - حزن الصحابة رضي الله عنهم





روايات صحيحة مختارة من حياة الصحابة


 

للشيخ محمد يوسف الكاندهلوي

 

 

 

المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار رضي الله عنهم  قصة عبد الرحمن بن عوف مع سعد بن الربيع -  صبر الأنصار عن اللّذات الدنيوية والأمتعة الفانية والرضاء بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه و سلم -  حزن الصحابة رضي الله عنهم على عدم القدرة على الخروج والإِنفاق في سبيل الله قصة أبي ليلى وعبد الله بن مُغَفَّل



المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار رضي الله عنهم  قصة عبد الرحمن بن عوف مع سعد بن الربيع

 

28- عن أنس أن عبد الرحمن بن عوف قدم المدينة، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري رضي الله عنه، فقال له سعد: أيْ أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالاً، فانظر شَطْر مالي فُخْذه؛ وتحتي إمرأتان فانظر أيتهما[1] أعجب إليك حتى أطلِّقَها. فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلُّوني على السوق، فدلّوه، فذهب فاشترى وباع فربح، فجاء بشيء من أقِطٍ[2] وسمن، ثم لبث ما شاء الله أن يلبث، فجاء وعليه رَدْع زعفران[3]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَهْيَمْ»؟[4] فقال: يا رسول الله، تزوجت امرأة. قال: «ما أصدقتها»؟[5] قال: وَزْنَ نَواة من ذهب. قال: «أوْلم ولو بشاة». قال عبد الرحمن: فلقد رأيتُني ولو رفعتُ حَجَراً لرجوتُ أن أصيب ذهباً وفضة.(20)

 

صبر الأنصار عن اللّذات الدنيوية والأمتعة الفانية والرضاء بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه و سلم

 

29- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الفنائم يوم حُنين، وقسم للمتألِّفين[6] من قريش وسائر العرب ما قسم، ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير وجَدَ[7] هذا الحيُّ من الأنصار في أنفسهم حتى قال قائلهم: لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قومَه[8]. فمشى سعد بن عبادة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدوا عليك في أنفسهم. فقال: «فيم؟» قال: فيما كان من قَسْمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب، لم يكن فيهم من ذلك شيء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فأين أنت من ذلك يا سعد؟» قال: ما أنا إلا أمرؤ من قومي. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة[9]، فإذا اجتمعوا فأعلمني». فخرج سعد فصرخ فيه، فجمعهم كلك الحظيرة. فجاء رجال من المهاجرين فأذن لهم، فدخلوا، وجاء آخرون فردّهم، حتى إذا لم يبقَ من الأنصار أحد إلا اجتمع له أتاه فقال: يا رسول الله، قد اجتمع لك هذا الحيُّ من الأنصار حيث أمرتني أن أجمعهم.

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فيهم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: يا معشر الأنصار، ألم آتكم ضُلالاً[10] فهداكم الله؛ وعالة[11] فأغناكم الله، وأعداء فألَّف الله بين قلوبكم؟» قالوا: بلى. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟» قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وبماذا نجيبك؟ المنّ لله ولرسوله. قال: «والله، لو شئتم لقلتُم فصدَقْتُم وصُدِّقْتُم: جئتنا طريداً فآويناك، وعائلاً[12] فآسيناك، خائفاً فأمنّاك، مخذولاً[13] فنصرناك». فقالوا: المنّ لله ولرسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَوَجَدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار في لُعاعة[14] من الدنيا تألَّفت بها قوماً أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإِسلام؟ أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاء والبعير، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفسي بيده، لو أن الناس سلكوا شِعباً، وسلكت الأنصار شِعباً لسلكتُ شِعْب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت أمرأَ من الأنصار، اللَّهمّ ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار». قال: فبكى القوم حتى أخْضَلوا[15] لحاهم، وقالوا: رضينا بالله رباً، ورسوله قِسْماً، ثم انصرف وتفرّقوا.(21) 

 

حزن الصحابة رضي الله عنهم على عدم القدرة على الخروج والإِنفاق في سبيل الله قصة أبي ليلى وعبد الله بن مُغَفَّل

 

30- قال ابن إسحاق: بلغني أن ابن يامين النَّضْري لقي أبا ليلى وعبد الله بن مُغَفَّل رضي الله عنهما وهما يبكيان. فقال: ما يبكيكما؟ قالا: جئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملَنا[16]، فلم نجد عنده ما يحملنا عليه، وليس عندنا ما نتقوّى به على الخروج معه. فأعطاهما ناضحاً له، فارتحلاه وزوّدهما شيئاً من تمر، فخرجا مع النبي . زاد يونس بن بكير عن ابن إسحاق: وأما عُلْبة بن زيد رضي الله عنه فخرج من الليل فصلَّى من ليلته ما شاء الله ثم بكى وقال: اللهمّ إنك أمرتَ بالجهاد ورغَّبتَ فيه، ثم لم تجعل عندي ما أتقوّى به، ولم تجعل في يد رسولك ما يحملني عليه، وإني أتصدّق على كل مسلم بكل مظلِمة[17] أصابني بها في مال أو جسد أو عرض، ثم أصبح مع الناس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أين المتصدّق هذه الليلة؟» فلم يقم أحد، ثم قال: «أين المتصدّق، فلْيقم؟» فقام إليه فأخبره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أبشر، فوالذي نفسي بيده لقد كُتبت في الزكاة المتقبّلة»(22)

 

 

________________________________________________________________________________

[1] من "أسد الغابة" (3/314)، وفي الأصول : أيّهما.

[2] أقط : اللبن المحفف .

[3] ردع زعفران : أي أثر طيب.

[4] مهيم : أي ما أمرك وما شأنك ، وهي كلمة يمانية .

(19) أخرجه ابن إسحاق وإسناده صالح للإعتبار كما فى السيرة النبوية الصحيحة للعمرى (1/204)

[5] ما جعلت لها صداقاً : أي مهراً .

[6] أي هم المؤلفة قلوبهم .

[7] وجدوا : غضبوا .

[8] المراد من قولهم هذا أنّ الرسول e سمكث في مكة ولا يرجع إلى المدينة .

[9] الحظيرة : الموضع الذي يحاط عليه لتأوي إليه الغنم والإبل ، تقيها الريح والبرد .

(20) رواه أحمد (3/191) وأخرجه أيضاً الشيخان عن أنس رضي الله عنه، والبخاري من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه كما في الإِصابة(2/26 )

[10] ضلالاً : جمع ضال ، وهو ضد المهتدي .

[11] عالة : جمع عائل ، وهو المفتقر  .

[12] عائلاً : فقيراً.

[13] مخذولاً : متروكاً .

[14] اللعاعة : بالضم : نبت ناعم في أول ما ينبت ، يعني أن الدنيا كالنبات الأخضر قليل البقاء .

[15] أخضلوا : أي بلّوا.

(21) رواه الإِمام أحمد (3/76) ,وأبو يعلى كما فى المجمع (10/30) وقال الهيثمى: رجال أحمد رجال الصحيح غير ابن اسحاق وقد صرح بالسماع  ,وأخرج البخارى نحوه (4337).

[16] ليحملنا : حمل فلاناً أعطاه مركوباً.

[17] المظلمة : ما أخذ منك بغير حقّ.