السبت، 1 فبراير 2014

(¯`*•أهـل الشام•*´¯) سلسلة المجاهدون - المنذر بن محمد الأموي

 

 

 

 


سلسلة المجاهدون

 



 

المنذر بن محمد الأموي

 

 



النسب والمولد



المنذر بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأموي، ولد سنة 229هـ. يكنى بأبي الحكم، بويع يوم الأحد لثمان خلون من ربيع الأول سنة 273هـ، وهو ابن أربع وأربعين سنة، وسبعة عشر يومًا[1].

 

النشأة والتربية


نشأ المنذر بن محمد على حب الجهاد، إذ كان والده يرسله في معارك كثيرة، فقد خرج مع القائد هاشم بن عبد العزيز، فقصد الثغر الأقصى، وحطم سرقسطة ، وافتح حصن روطة، ثم تقدم إلى ألبة والقلاع، وافتتح حصونًا كثيرة.

ووجه أبوه في عام 242هـ بالجيوش إلى طليطلة؛ فحاصرها، وأقام عليها ينسف معائشها.

فقد رغب والده أن يجعل منه قائدًا قويًّا يستطيع الصمود أمام أعدائه والحفاظ على الدولة، ولم يشأ والده أن ينشئه على الدعة واللهو كباقي أبناء الملوك[2].


جهاده أهم المعارك ودوره فيها


يقولون: الولد صنو أبيه، ومن شابه أباه فما ظلم. على خُطا الأمير محمد بن عبد الرحمن سار ابنه فرفع راية الجهاد وفتح البلاد، وقضى على ثورات الخوارج، ونشر الأمن في بلاده، رغم قصر مدة خلافته.

شارك المنذر بن محمد في كثير من المعارك، سواء أكان ذلك في حياة والده أم في ولايته، فقد كان يخرج على رأس الجيوش عندما كان أميرًا؛ ففي سنة 262هـ، خرج المنذر بن الأمير محمد إلى ابن مروان، وكان القائد هاشم بن عبد العزيز.

وفي سنة 263هـ، خرج المنذر بن الأمير محمد، وجعل طريقه على ماردة، فلما انتهى ذلك إلى ابن مروان، زال عن بطليوس، واحتل بها قائد المنذر الوليد بن غانم، فخرب ديارها. وتقدم ابن مروان إلى بلاد العدو.

و في سنة 264هـ، حارب المنذر سرقسطة، وأفسد ما ألقى من زروعها ، ثم تقدم إلى تطيلة والمواضع التي صار فيها بنو موسى، فانتسقها ، وأجال العسكر عليها.

ومن أهم المعارك التي خاضها مع ابن حفصون الذي خرج على الدولة، وقام بثورات عدة ليفتك بهذه الدولة، وقد تصدى له الأمير محمد بن عبد الرحمن بن الحكم ولكنه مات قبل أن يقضي عليه، ولما بلغ ابن حفصون موت الأمير محمد، وانصرف عنه المنذر، نهض من فوره؛ فراسل الحصون التي بينه وبين الساحل كلها؛ فأجابته و طاعت له ، ونهض إلى باغه وجبل شيبة، فأخذ من الأموال ما لا يوصف، كل ذلك منه بلا قوة، ولا كثرة من مال، ولا عدد، ولكنه كان عذابًا من الله ونقمة انتقم بها من عبيده .

وخرج الأمير المنذر بجيوشه إلى عمر بن حفصون، فافتتح حصونه البرية ، و الحصون التي بجهة قبرة ، ثم توجه إلى بربشتر، فحاصره فيها، وأفسد ما حواليه ، وضيق عليه، ثم انتقل عنه إلى أرجذونة ، و بها عيشون ، فأقام عليها محاصرًا لها ومضيقًا على أهلها، إلى أن نبذوا عيشون وأهله، وأسلموه بذنبه؛ فدخلها الأمير المنذر، وقبض على عيشون وأصحابه .

و ظفر أيضًا ببني مطروح ، و هم: حرب ، و عون ، و طالوت، و افتتح حصونهم بجبل باغة ، وأتى بهم إلى الأمير أسارى؛ فبعث ببني مطروح إلى قرطبة، وأمر بقتلهم وصلبهم، وكانوا اثنين وعشرين رجلاً؛ فصلبوا بأجمعهم ، وصلب مع عيشون في الخشبة خنزير و كلب . و كان السبب في ذلك أن عيشون كان يقول: إذا ظفر بي، فليصلبني وليصلب عن يميني خنزيرًا وعن يساري كلبًا! وكان يثق بنفسه في القتال ثقة شديدة، ويأمن من أن يؤخذ لشدته وشجاعته. فلما يئس الأمير منه، دسَّ إلى بعض أهل أرجذونة بأن يتحيل في أخذ عيشون؛ فأجابه، ووعده بأخذه. فلما كان في بعض الأيام، دخل بيت أحدهم بغير سلاح، وقد استعد له بكبل، فأوثق به وبعث به إلى الأمير المنذر.

وكان من شأن عمر بن حفصون في أيام المنذر رحمه الله؛ لما كان في العام الثاني من ولايته، خرج في عديده الأكثر، وقصد بربشير. فحل عليها أحفل احتلال، وقاتل ابن حفصون بها أشد قتال، وانتشرت خيله في تلك الأقطار، واستولت على السهول و الأوعار .

وسار المنذر إلى أرجذونة ليفتحها بعد أن دخلت في طاعة عمر بن حفصون، فتلقته بالسمع والطاعة وأسر عامل ابن حفصون، ولما وجد عمر بن حفصون نفسه محاصرًا لجأ إلى المكر والخديعة، فطلب الصلح من الأمير المنذر، فرضي بالصلح، وبعد أن عقد الصلح بين الأمير المنذر و بين عمر بن حفصون، وكان المنذر قد بعث إليه بثياب و أموال ، و بعد أن أخذ الأمان هرب من الحصن و لحق بربشتر و أخذ الدواب والأموال و قتل العرفاء المرسلين ، و ناصب المنذر العداء، و قد عاد إلى سيرته الأولى ، و قال لشيعته : (أنا ربكم الأعلى )!!

فأقسم الأمير المنذر أن يقصده ويحل عليه ، و لا يقبل منه أو يلقى بيده إليه ، فأعمل الغزو إلى بربشتر، و جمع لها الجمع الأكبر . فلما احتل عليها، أمر أن يحدق بها، ويحاط بجوانبها ، و أن يعتزم لقتالها اعتزامًا ، و يلتزم محاصرتها التزامًا[3]. .

 

وفاته


لقي المنذر ربه وهو على قلعة بباشتر محاصرًا لعمر بن حفصون، وكان موته في سنة 275هـ، وقد انقرض عقب المنذر[4]. .

 


المراجع :



[1] ابن عذاري: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب 1/188.

[2] المصدر السابق 1/181، بتصرف.

[3] المصدر السابق نفسه، بتصرف .

[4] الحميدي: جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس 1/4.