فوائد
قال المأمون : الإخوان ثلاثة : أحدهم : مَثله مِثل الغذاء لا يُستغنى عنه و الآخر : مَثله مِثل الدَّواء يحتاج إليه في وقت دون وقت ، و الثالث : مَثله مِثل الداء لا يحتاج إليه قط .. و لكن العبد قد يُبتلى به و هو الذي لا أُنْس فيه و لا نفع .
قيل : مَثل جملة الناس كمثل الشجر والنبات .. فمنها ما له ظل وليس له ثمر وهو مثل الذي ينتفع به في الدنيا دون الآخرة، فإن نفع الدنيا كالظل السريع الزوال، ومنها ما له ثمر وليس له ظل وهو مِثل الذي يُصْلِح للآخرة دون الدنيا، ومنها ما له ثمر وظل جميعًا، ومنها ما ليس له واحد منهما كأمِّ غيلان تمزق الثياب، ولا طعم فيها ولا شراب، ومِثله من الحيوانات الفأرة والعقرب .
عن مسلم بن يسار : كان أحدهم إذا برئ قيل له : ليهنك الطهر- يعني الخلاص من الذنوب. ويُذكر أن إحدى نساء السَّلف أنها لمَّا جُرِحتْ يدها جرحًا شديدًا، فلم يظهر عليها التأثر، فقيل لها في ذلك، قالت : حلاوة أجرها أنستني مرارة طعمها .
ذكر يحيى الليثي أنه كان تلميذًا عند الإمام مالك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فيل عظيم بجانب المسجد؛ فخرج الطلاب لرؤيته ولم يبق إلا يحيى، فقال الإمام مالك : لِمَ لَمْ تخرج لترى الفيل وهو لا يكون ببلادك، فقال يحيى : جئت من الأندلس لأراك لا لأرى الفيل، إنما رحلت لأتعلم من علمك وهديك .
إن صلاة الجماعة من أسباب حِفْظ الله للعبد ، وجعله في ذمته - أي : في عهده وأمانه وضمانه - قال صلى الله عليه وسلم : «من صلى الصبح فهو في ذمة الله» [رواه مسلم] وفي رواية لابن ماجه و الطبراني : «من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله» .
قال فيض بن إسحاق: كنت عند الفضيل بن عياض إذ دخل عليه رجل، وسأله حاجة، وألَحَّ في السؤال عليه، فقلت : لا تُؤْذِ الشيخ ، فقال لي الفضيل : اسكت يا فيض، أمَا علمت أن حوائج الناس إليكم نِعْمة من نِعَم الله عليكم، فاحذروا أن تملوا النِّعم فتتحول إلى نِقَم، ألَا تحمد ربك أن جعلك مَوضعًا تُسأل ولم يجعلك مَوضعًا تَسأل .
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه نُعي إليه ابن له فاسترجع ، وقال : عورة سترها الله ، و مُؤْنة كفاها الله، وأَجْر قد ساقه الله تعالى ، ثم نزل فصلى ركعتين ، ثم قال : قد صنعنا ما أمر الله تعالى، قال تعالى : { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } [البقرة: 45] .
فوائد من كتاب أطايب الجنى لعبد الملك القاسم - الجزء الثاني