الرسالةالثانية
( الفوائد المنتقاة من شرح كتاب التوحيد للشيخ بن عثيمين رحمه الله)
( الفائدة الثانية)
قضاء الله- عز وجل- ينقسم إلى قسمين
١- قضاء شرعي.
٢- قضاء كوني.
فالقضاء الكوني: لابد من وقوعه، ويكون فيما يحب الله، وفيما لا يحب.
( والقضاء الشرعي: وهذا لا يكون إلا فيما يحب الله قد يقع وقد لا يقع
إشكال كيف يقضي الله شيئا لا يحبه؟
جوابه المحبوب قسمان:
١- محبوب لغيره: وهذا قد يكون مكروها لذاته ولكن يحب لما فيه من الحكمة والمصلحة فيكون محبوبا لله من وجه ومكروها من وجه وهذا ممكن كمثل المريض مع الدواء سواء كان كيّا أو غيره فهو محبوب له من وجه ومكروه من وجه
٢-محبوب لذاته وهذا لا إشكال فيه
( انتهى)
ومعنى كلام الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
أنّ الفرق بين أمرين: وهما الإرادة الكونية القدرية والإرادة الدينية الشرعية، والفرق بينهما أن الإرادة الكونية القدرية لابد أن تقع، وأنها قد تكون مما يحبه الله كالطاعات وقد تكون مما يبغضه الله كالمعاصي، وهذه الإرادة هي المطابقة لقولنا ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أي لا يقع في الكون خير أو شر إلا بمشيئة الله.
وأما الإرادة الدينية الشرعية فلا تكون إلا مما يحبه الله، وقد تقع وقد لا تقع، فهو ما طلب الله من العباد تطبيقه والعمل به من الأحكام الشرعية، وهذا لا يستلزم الوقوع إذ قد يقع وقد لا يقع. فقد أمر الله أبا جهل بالإيمان ولم يؤمن فإنّ هذا وقع كوناً وقدراً لحكمة يعلمها،
ومعنى قول الناس، مراد الله أن تفعل الطاعات وتترك السيئات أي أنه يُحب أن تفعل الطاعات وأن تترك السيئات، ووقوع السيئات إنما هو بإرادته الكونية القدرية،والمعصية إنما وقعت بإختيار الإنسان ولكنها تحت مشيئة الله فالإنسان مخيّر في فعل الخير والشر ولكنه تحت مشيئة الله تبارك وتعالى.
قال الله تبارك وتعالى :
﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان: ٣٠]
ومعنى مخيّر أنّ له الإختيار فيما يفعل ويدع ولهذا يحاسب الإنسان على فعل الشر ويثاب على فعل الخير وكما قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله : ولو كان الإنسان مسّير أي لا يفعل المعصية باختياره؛ لكانت عقوبته على الذنوب ظلماً، والله سبحانه وتعالى منزه عن الظلم؛ لكن هذا الذي اختاره أمرٌ مكتوبٌ عند الله، وهو لا يعلم ما كتبه الله عليه إلا بعد أن يقع، فيعرف أن هذا مكتوب، وإذا ترك الشيء علم أنه ليس بمكتوب.
مسند أحمد بن حنبل- البخاري و مسلم- السنن الأربعه عن / علي عن النبي صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ وَقَدْ كَتَبَ الله مَكَانَهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِلاَّ وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً قِيلَ: أَفَلاَ نَتَّكِلُ؟ قالَ: لاَ اعْمَلُوا وَلاَ تَتَّكِلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَة
ثم قرأ قوله تعالى :-
﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾
﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾
﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾
﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى﴾
﴿وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴾
﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾
[الليل: ٦-١٠]
أيضا كما قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله : نعم. هناك أشياء ليست باختيار الإنسان، لو سافر الإنسان مثلاً وأصابه حادث هذا بغير اختياره، لو أن الإنسان عمل عملاً ناسياً هذا بغير اختياره، ولهذا لا يؤاخذ الله على النسيان، ولا على الخطأ، ولا على فعل النائم؛ لأنه غير مختار.
وما مِنْ كاتـبٍ إلاَّ سَيَفنَـى ويُبقِى الدَّهـرُ ما كَتَبَتْ يــداهُ
فلا تكتُب بِكَفِّـكَ غيرَ شىءٍ يسُرُّك يـومَ القيـامةِ أن تــراهُ
كل ما تحتاجه تحت يدك
ودعواتكم لنا .ِ!!