[ ما عبس .. وما تولى .. وعاقبة النّفاق ! ] .
هذهِ قصة ذكرها الشيخ المُحدث : أبو الأشبال " أحمد شاكِر " -رحمهُ الله - ، فى كِتابه " كلمة الحق " (صــ ١٤٩).
يقصُ فيها عاقبة النفاق ، وانتقام الله ممن آذى رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
يقولُ الشيخ : أحمدْ شاكر - رحمه ُالله -
- بتصرف- : "
كان " طه حسين " طالباً في الجامعة المصرية القديمة ،
وتقرر إرساله في بعثة إلى أوروبا فأراد حضرة السلطان حسين - رحمه الله -
أن يكرمه بعطفه ورعايته ، فاستقبله في قصره استقبالا كريماً ،
وحباه هدية قيمة المغزي والمعنى.
وكان من خطباء المساجد التابعين لوزارة الأوقاف ،
خطيب فصيح متكلم مقتدر ؛ هو الشيخ " محمد المهدي خطيب مسجد عزبان" ،
وكان السلطان حسين - رحمه الله - مواظباً على صلاة الجمعة .
فصلى الجمعة يوماً ما بمسجد المبدولي القريب من قصر " عابدين " العامر ،
وندبت وزارة الأوقاف ذلك الخطيب لذلك اليوم ،
وأراد الخطيب أن يمدح عظمة السلطان ،
وأن ينوه بما أكرم " طه حسين " وحق له أن يفعل،
ولكن خانته فصاحته وغلبه حب التعالي في المدح فزل زلة لم تقم له قائمة من بعدها !!
إذ قال أثناء خطبته : " جاءه الأعمى فما عبس في وجهه وما تولى !! "
وكان من شهود هذه الصلاة والدي الشيخ - محمد شاكر - وكيل الأزهر سابقاً - رحمه الله - فقام بعد الصلاة يعلن الناس في المسجد أن صلاتهم باطلة ! ، وأمرهم أن يعيدوا صلاة الظهر فأعادوها ! ..
ذلك بأن الخطيب كفر بما شتم - صلى الله عليه وسلم - تعريضاً لا تصريحاً ! .
لأن الله - سبحانه - عتب على رسوله - صلى الله عليه وسلم - حين جاءه ابن أم مكتوم الأعمى ،
وهو يحدث بعض صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام .
فأعرض عن الأعمى قليلاً حتى يفرغ من حديثه فأنزل الله عتاب رسوله في هذه السورة الكريمة .
ثم جاء هذا الخطيب الأحمق الجاهل ،
يريد أن يتملق عظمة السلطان - رحمه الله - وهو عن تملقه غني والحمد لله ،
فمدحه بما يوهم السامع أنه يريد إظهار منقبة لعظمته بالقياس إلى ما عاتب الله عليه رسوله ،
واستغفر الله من حكاية هذا ،
فكان صنع الخطيب المسكين تعريضاً ب صلى الله عليه وسلم لا يرضى به مسلم وفي مقدمة من ينكره السلطان نفسه.
ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى !
فأقسمُ بالله ! : لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين
وبعد أن كان متعاليا متنفخا مستعزا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء ،
رأيتهُ مهيناً ذليلاً خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة ! ،
يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلةٍ وصغارٍ حتى لقد خجلت أن يراني ! ،
وأنا أعرفه وهو يعرفني ، لا شفقة عليه فما كان موضعاً للشفقة ! -
ولا شماتة فيه - فالرجل النبيل يسمو على الشماتة ، ولكن ما رأيت من عبرة وموعظة
وما مِنْ كاتـبٍ إلاَّ سَيَفنَـى ويُبقِى الدَّهـرُ ما كَتَبَتْ يــداهُ
فلا تكتُب بِكَفِّـكَ غيرَ شىءٍ يسُرُّك يـومَ القيـامةِ أن تــراهُ