المستحيل
للشاعر الفلسطيني الراحل من الناصرة
توفيق زياد
أهون ألف مرة
أن تدخلوا الفيل بثقب إبرة
وأن تصيدوا السمك المشوي في المجرة
أن تحرثوا البحرا
أن تنطقوا التمساح
أهون ألف مرة
من أن تميتوا باضطهادكم وميض فكرة
وتحرفونا عن طريقننا الذي اخترناه
قيد شعرة
كأنّنا عشرون مستحيل
في اللّد، والرملة، والجليل
هنا، على صدوركم باقون كالجدار
وفي حلوقكم،
كقطعة الزجاج.. كالصبّار
وفي عيونكم،
زوبعة من نار.
هنا، على صدوركم باقون كالجدار
ننظّف الصحون في الحانات
ونملأ الكؤوس للسادات
ونمسحُ البلاط في المطابخ السوداء
حتى نسلّ لقمة الصغار
من بين أنيابكم الزرقاء
هنا على صدوركم باقون، كالجدار
نجوعُ، نعرى، نتحدّى
نُنشدُ الأشعار
ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات
ونملأ السجون كبرياء
ونصنع الأطفال جيلاً ناقماً
وراء جيل
كأنّنا عشرون مستحيل
في اللّد، والرملة، والجليل..
إنّا هنا باقون
فلتشربوا البحرا
نحرسُ ظلّ التين والزيتون
ونزرع الأفكار، كالخمير في العجين..
برودةُ الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنّم الحمرا
إذا عطشنا نعصر الصخرا
ونأكل التراب إذا جعنا
ولا نرحل.
وبالدم الزكيّ لا نبخلُ.
هنا: لنا ماضٍ
وحاضرٌ
ومستقبلْ.
كأنّنا عشرون مستحيل
في اللّد، والرملة، والجليل.
يا جذرنا الحيّ تشبّث
وا ضربي في القاع يا أصول.
أفضل أن يراجع المضطهد الحساب
من قبل أن ينفتل الدولاب
لكل فعل رد فعل
إقرأوا ما جاء في الكتاب
كأننا عشرون مستحيل
في اللّد والرملة والجليل!
تحيا فلسطين...