هكذا يعيش المؤمن!
{والَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (23)
بلغ اليأس بقوم إبراهيم كل مبلغ، وكذلك الكافر ييأس من أنْ يفْعَلَ الله بِهِ مِنَ الإكْرامِبِدُخُولِ الجَنَّةِ وغَيْرِها فِعْلَ الرّاحِمِ، وما هكذا حال المؤمن أبدًا !
لا ييأس أهل الإيمان، ولايفقدون الرجاء، ولقد تنوعت رجاءات أهل الإيمان حتى لاتكادتحصى!
يعيش أهل الإيمان الحياة على رجاء لقاء الله!
يعيش أهل الإيمان الحياة على رجاء بلوغ رضا الله!
يعيش أهل الإيمان الحياة على رجاء دخول الجنات!
يعيش أهل الإيمان الحياة على رجاء رفعة الدرجات!
يعيش أهل الإيمان الحياة على رجاء النظر إلى وجه الله!
يعيش أهل الإيمان الحياة على رجاء لقاء نبيهم وكل الأنبياء!
الرجاء حياة القلب، ليس هناك مثل الرجاء مطيبًا للحياة!
قال الله عن الذين كفروا بآياته ولقائه: {أولئك يئسوا من رحمتي} ، وأهل الإيمان يرجونأن يكونوا من الصادقين في رجاء الله; فما صلاة المصلين منهم، ولاصيام الصائمين،ولاذكر الذاكرين إلا من رجاء الله!
ليس هناك حال أعظم من يائسٍ من رحمة الله; أقبل على الدنيا وكأنها النعيم كله، وأعرضعن الآخرة وحاله ينبئك أن لا وجود لها في قلبه، بل ولا حتى في ذهنه، وإذا ما ذكره بهامذكرٌ ثار وأرعد وأوهمه أنه غير واقعي، وأنه لابد من عيش الحياة!
ليس هناك غمة على عقل وغشاوة على بصر كغمة وغشاوة من يفهم أن عيش الآخرةيعني أن لا يعيش الدنيا!!
من يفهم اليائس من رحمة الله أن التصديق اليقيني بوعود الله هو أكبر مسبب للرجاء فيالله؟!
من يلفت نظر اليائس من رحمة الله إلى أخبار الجنة ونعيمها وماتثيره في قلوب المؤمنينمن الرجاء؟!
من يلفت نظر اليائس من رحمة الله إلى أخبار النار وجحيمها، وماتثيره في قلوبالمؤمنين من الرجاء؟!!
حتى النار؟
حتى النار !
تخاف; فتهرب من موجباتها، وترجو الله أن يجعلك في حرز منها!
من يُفهم اليائسَ من رحمة الله أن الجميع يعيش الحياة; لكن الراجي يعيش الحياة لأجلالآخرة، يعيش الحياة لأجل لقاء الله، فيكسب بهذا عيش الحياة هنا، وعيش الحياةهناك؟!
من يفهم اليائس ذاك؟!
من اللقاء الخامس للقصص القرآني.