السبت، 28 نوفمبر 2020

[zmn1.com] من اسم المؤمن

نزِّه الله تعالى عن أقوال قليلي المعرفة بكماله، الذين جعلوا اتهامه ديدنهم فلا تسمع أحدهم إلا قائلًا: ليس لي حظ في الزواج! 
ليس لي حظ في العمل!
ليس لي حظ في الأولاد! 
وهكذا شأنه دائمًا لا يرى نفسه إلا مظلومًا قد اجتمعت عليه كل الأسباب، وقد عَشَتْ عيناه عن آلاء ربه ومولاه، ولسان حاله ومقاله يتهم ربه أنه ما عدل في توزيع الحظوظ، ولو فكر باسمه (المؤمن)؛ لعلم تمام العلم أنه قد أمَّن عباده من الظلم، وأن ما يجري عليه من أقدار إنما قدرها عليه ربه ببالغ حكمته ليرفعه بها في الآخرة، ولكن العيون التي تعشو عن الآخرة تجني على صاحبها جناية ما بعدها جناية، إذ أنها بفعلها ذاك تقلب حياته الدنيا إلى جحيم وضنك لا يطاق، وليت الأمر توقف على الدنيا فقط!

حين تنظر للحظوظ لا تنظر إلى من كثر عطاء الله له على أنه ذو حظ عظيم، فهذا تفكير قوم قارون، وليس تفكير المؤمنين باسم المؤمن، ولكن اعلم أنه ما ضاق عليك أمر هنا إلا ليكون رصيدًا لك في الآخرة، واعلم أن كل قدر يمر عليك هنا فإنه يدفعك لبناء مستقبلك الحقيقي هناك:

- يضيق عليك المال؛ فتصبر؛ فتبني بصبرك مستقبلك في الآخرة!

- يضيق عليك بصرف قلب زوجك عنك؛ فتصبر؛ فتبني مستقبلك في الآخرة!

- تصيبك مصيبة العقم؛ فتفرغ للعلم والطاعات؛ فتبني مستقبلك في الآخرة!

وهكذا كل إنسان تُقدَّر عليه أقدار تناسبه؛ ليعظم نصيبه وحظه في وطنه الحقيقي، فلا تضيع فرصك، ولا تحول ما فتحه الله لك من أبواب للعلو في الآخرة إلى مضائق تغلق بها على نفسك!

 ليس كل أحد ينتفع من أقدار الله عليه؛ فكن كأولئك الذين أوتوا العلم في قصة قارون حين قالوا لمن لم يعرف كيف ينظر لعطايا الله: {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} .
أي: ما ينتظرك أيها المؤمن عند الله خير من كل ملك قارون، فتدبر، وانتفع، وتاجر مع الله لتصفو لك الدنيا والآخرة.
واعلم أن كل ما قدر لك هو الذي يناسبك بكل دقة:
 فلو زاد عمرك يوما لفسدت!
ولو زاد مالك درهما لطغيت!
ولو زاد أولادك ولدا لشقيت!
 حتى جارك، وحيك، وتفاصيل تفاصيل حياتك مناسبة لك، فاغتنمها مقربات إلى الله، واعلم أنك مختبر أترضى عنه عند النقص، وتشكره عند العطاء، أم تكون كقوم سبأ الذين ملُّوا نعم الله عليهم وبطروها؟!
من اسم المؤمن

Sent from my iPhone