نوع عجيب من أنواع الرزق!
الرزق أنواع كثيرة، وقد لا يخطر على بال أكثر الناس من أنواعه إلا المال، وهو نوع واحد، بل قد يكون أدنى أنواع الرزق.
وأعظم أنواع الرزق هو ما أعطاه الله لأوليائه من الإيمان واليقين والرضا وجميل الأخلاق...
وهناك نوع عجيب من أنواع الرزق لا يكاد يخطر على بال أحدنا أنه رزق من الله يرزقه من يشاء من عباده..
وهو ما دلّ عليه هذا الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ، وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا، قَالَتْ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، فَيَقُولُ : " أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ ". قَالَتْ : فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلْتُ : خَدِيجَةَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا ".
الله أكبر!
لما قرأت جوابه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها "إني قد رزقت حبها" تعجبت من هذا الجواب، فلم يقل صلى الله عليه وسلم "إني أحبها"، وإنما قال" إني قد رزقت حبها"، وأكد جوابه هذا بـ "إنّ" و "قد" ليبين أن هذا الحب رزق من الله تعالى، أكرمه به ووهبه له.
فالله تعالى هو الرزاق، لا يرزق إلا هو، فمن أراد أن يكون محبوبا فليسأل الله الرزاق أن يقذف في قلوب الخلق حبّه، ومن أراد أن يحب أحدا حبا نافعا فليسأل الله الرزاق أن يرزقه ذلك الحبّ.
وبهذا ندرك معنى هذا الدعاء المأثور الوارد في حديث حسن صحيح كما قال البخاري والترمذي: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ ".
[ أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في جامعه. ]
وهذا الدعاء حق ينبغي دراسته وتعلمه كما أرشد إلى ذلك النبي الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث قال في آخر الحديث الطويل الذي ختم بالدعاء السابق : " إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا ".
اللهم ارزقنا حبّك يا ودود، وحبَّ من ينفعنا حبُّه، وحبّبنا إلى من ينفعنا حبهم لنا
يا سميع الدعاء اللهم آمين