شرح دعاء " رضيت بالله ربا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال : رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً وجبت له الجنة ) ، وفي رواية " ذاق طعم الإيمان " ، وفي رواية " كان حقا على الله أن يرضيه " .
قال ابن القيم هذا من الأحاديث التي عليها مدار الدين .
يشرع لنا أن نقوله في أذكار الصباح والمساء وبعد كل آذان .
المؤمن عندما يدخل إلي القبر يسأل : من ربك ومن نبيك وما دينك
أحيانا يقول العبد الأذكار ويكون غافلا عن معانيها ، فتجده يتسخط على أقدار الله أو يعترض على الأوامر الشرعية ، لذا يجب تحقيق معنى الأذكار .
" رضيت بالله ربا " : الرضا يدور حول القناعة والإكتفاء ، أي رضيت بربوبيته وألوهيته وأسماءه وصفاته .
لما تنظر في أفعال الله تعالى و تعلم صفاته فتعظمه سبحانه وتعالى وتتعلق به وتتوكل عليه في جميع أحوالك وترضى بأقداره وإن لم توافق هواك ويكون هذا الرضا بأقوالنا ولسان حالنا .
فإذا رضيت بربوبيته سبحانه وتعالى فلن تتعلق فى قضاء حوائجك بغير الله ، قال تعالى : ﴿وَإِن يَمسَسكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلّا هُوَ وَإِن يَمسَسكَ بِخَيرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾.
من رضي بالله ربا لابد أن يرضى به إلها .
كل القلوب فيها مساحة للتعظيم والحب فلا تجعلها لغير الله ، لا ترضى أن يكون فيها محبوب أو معظم غير الله تعالى .
ثمرة تعلقك بالله ترضى بشرع الله وأقداره ، في القلب فاقة لا يسدها إلا إتصالك بربك سبحانه وتعالى .
كل أوامر الله يعود نفعها على العباد وكل نواهيه فيها مفاسد للعباد .
قاعدة شرعية : قال رسول الله صلى الله عليه : " فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط " .
" رضيت بالله ربا " علينا أن ننزلها على أرض الواقع فنؤمن بأقدار الله ونمتثل شرائعه .
فبعد " رضيت بالله ربا " وتحقيقها يأتي " رضيت بالإسلام دينا " قال تعالى : ﴿ اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا ﴾وقال تعالى : ﴿وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرينَ﴾.
تؤمن بأنه من عند الله وتمتثل لأوامره ووتعمل بشرائع الاسلام كلها .
" رضيت بمحمد نبيا ورسولا " اي طاعته في ما أمر ، وتصديقه في كل ما أخبر ، وإجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن يكون في قلبك محبته وتعظيمه والإقتداء بسنته .
قال تعالى : ﴿ وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾.
قال تعالى : ﴿لَقَد كانَ لَكُم في رَسولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثيرًا﴾.
محبتك الحقيقية للرسول صلى الله عليه وسلم تكون بإتباعه والحرص على سنته .
من ترك السنه لا يعاقب ولكنه سيعاتب .
يجب محاربة البدع وعدم نشرها ، فالشريعة لا تأتي بالإستحسان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".
تكرار الذكر يزيد حلاوة الإيمان وتكون النفس راضية ومطمئنة ثم تكون لحظة قبض الروح ، قال تعالى : ﴿يا أَيَّتُهَا النَّفسُ المُطمَئِنَّةُ * ارجِعي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرضِيَّةً﴾، ولما يدخل قبره يسأل : من ربك وما دينك ومن نبيك فيجيب فيتحول القبر الي روضة من رياض الجنة ، فيعيش حياة البرزخ ثم يوم القيامة يقول الله تعالى :" يَومَ تَرَى المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ يَسعى نورُهُم بَينَ أَيديهِم وَبِأَيمانِهِم بُشراكُمُ اليَومَ جَنّاتٌ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾ ، هذه ثمرات من رضي بالله ربا .
والعكس لمن لم يرضى بالله ربا ، يعيش في ضيق ولحظة الموت تنزع الروح بأشد ما يكون من النزع ، ويكون قبره حفرة من حفر النار ، ويوم القيامة يسحب على وجهه الى النار .