لا تحزن
للشيخ / عائض القرني
إياك وأربعاً - اسكُنْ إلى ربِّك -
إياك وأربعاً
أربعٌ تُورثُ ضنْكَ المعيشةِ وكَدَرَ الخاطرِ وضيِقَ الصَّدْرِ :
الأولى : التَّسخُّطُ من قضاءِ اللهِ وقدرِه ، وعَدَمُ الرِّضا بهِ .
الثانيةُ : الوقوعُ في المعاصي بلا توبةٍ ﴿ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ ،﴿ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ .
الثالثةُ : الحقدُ على الناسِ ، وحُبُّ الانتقامِ منهمْ ، وحَسَدُهم على ما آتاهُمُ اللهُ منْ فضلِه ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾ ، (( لا راحة لحسودِ )) .
الرابعةُ : الإعراضُ عنْ ذكرِ اللهِ ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ .
اسكُنْ إلى ربِّك
راحةُ العبدِ في سكونِه إلى ربِّه سبحانه وتعالى .
وقد ذَكَرَ اللهُ السكينةَ في مواطن منْ كتابِه عزَّ من قائلٍ ، فقال : ﴿ َأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ، ﴿ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ ، ﴿ ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ ﴾ ، ﴿ فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ﴾ .
والسَّكينةُ هي ثباتُ القلبِ إلى الرَّبّ ، أو رسوخُ الجنان ثقةً بالرحمنِ ، أو سُكُونُ الخاطرِ توكُّلاً على القادرِ . والسكينةُ هدوءُ لواعِجِ النفْسِ وسكونُها ، واستئناسُها ورُكُودُها وعدمُ تفلُّتِها ، وهي حالةٌ من الأمنِ ، يَحْظَىَ بها أهلُ الإيمانِ ، تُنقذُهُمْ منْ مزالقِ الحيْرةِ والاضطرابِ ، ومهاوي الشَّكِّ والتَّسخُّطِ ، وهي بحسب ولايةِ العبدِ لربِّه ، وذكْرِه وشُكرِه لمولاهُ ، واستقامتِه على أمرهِ ، واتِّباعِ رسولِهِ r ، وتمسُّكِه بهدْيِه ، وحبِّه لخالقِهِ ، وثقتِه في مالكِ أمرهِ ، والإعراضِ عمَّ سواهُ ، وهجْر ما عداهُ، لا يدعو إلا الله، ولا يعبدُ إلا أياهُ ﴿ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ﴾ .
كلمتان عظيمتان
قال الإمامُ أحمد : كلمتان نفعني اللهُ بهما في المحنةِ
الأولى : لرجُلٍ حُبس في شربِ الخمْرِ ، فقال : يا أحمدُ ، اثبتْ ، فإنك تُجلدُ في السُّنَّةِ ، وأنا جُلِدُتُ في الخمرِ مراراً ، وقدْ صبرْتُ . ﴿ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ ﴾ ، ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾ .
الثانيةُ : لأعرابيٍّ قال للإمامِ أحمد – والإمامُ أحمدُ قدْ أُخِذَ إلى الحبْسِ ، وهو مقيَّدٌ بالسلاسلِ : يا أحمدُ ، اصبرْ ، فإنَّما تُقتل منْ هنا ، وتدخُلُ الجنة منْ هنا . ﴿ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ﴾ .