الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

(¯`*•أهـل الشام•*´¯) الكلام على التسليم - القلوب ثلاثة






الكلام على التسليم




و لما كان العبد بين أمرين من ربه عز و جل : أحدهما : حكم الرب عليه في أحواله كلها ظاهرا و باطنا ، و اقتضاؤه من القيام بعبودية حكمه ، 

فإن لكلّ حكم عبودية تخصه ، أعني الحكم الكوني القدري. و الثاني : فعل ، يفعله العبد عبودية لربه ، و هو موجب حكمه الديني الأمري. و كلا 

الأمرين يوجبان بتسليم النفس إلى الله سبحانه ، و لهذا اشتق له اسم الإسلام من التسليم ، فإنه لما سلّم لحكم ربه الديني الأمري ، و لحكمه 

الكوني القدري ، بقيامه بعبودية ربه فيه لا باسترساله معه في الهوى ، و الشهوات ، و المعاصي ، و يقول : قدَّر عليّ استحق اسم الإسلام فقيل 

له : مسلم .



القلوب ثلاثة



و القلوب ثلاثة : صحيح سليم فشرابه الشراب الطهور في الإناء النظيف ، و سقيم مريض فشرابه الشراب النجس في الإناء القذر ، و قلب فيه 

مادتان. إيمان و نفاق ، فشرابه في إناء بحسب المادتين ، و قد جعل الله لكل شيء قدراً ، فالعارف مَن نظر في الأسباب إلى غاياتها و نتائجها ، 

و تأمل مقاصدها ، و ما تؤول إليه. و مَن عرف مقاصد الشرع في سدِّ الذرائع المفضية إلى الحرام ، قطع بتحريم هذا السَّماع ، فإنَّ المرأة 

الأجنبية و سماع صوتها حرام ، و كذلك الخلوة بها .



من كتاب أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة