آية
{ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ (26) } من هو الذي يستخف بهذه البعوضة التي هي من آيات الله الدالة على عظمته ؟ إنه الفاسق : ? وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) ? هناك علاقة رائعة بين السلوك وبين الاعتقاد ، الفاسق لا يعتقد والمؤمن يعتقد ، الفاسق يسخر والمؤمن يُعَظِّم ، معنى ذلك أن الإنسان حينما يفسُق يصبح منطقه تبريرياً تسويغياً ، منطقه مقيداً بشهواته ، لذلك إياك أن تناقش منتفعاً لأنه لا يقنع معك ، فهو يدافع عن المكاسب التي حَصَّلها ، هذا الذي ينتفع من الكفر لا يمكن أن يتخلَّى عن الكفر لأنه ينتفع منه ، منتفع ، المنتفع لا يُناقَش ، والغبي لا يُناقَش ، والقوي المغتر بقوته لا يُناقَش .
تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي
آية
{ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ (27) } عهد الله إلينا أن نأكل المال الحلال ، عهد الله إلينا أن نَقْصُرُ طرفنا على زوجاتنا وعلى محارمنا ، عَهْدَ الله إلينا أن نكون صادقين ، عهد الله إلينا أن نكون أُمناء ، عهد الله إلينا أن نؤدِّي الأمانات إلى أهلها ، عهد الله إلينا ألا نظلم بني البشر ، ألا نكذب ، ألا نأخذ ما ليس لنا ، أن نكون أمناء ، لذلك بعث الله عزَّ وجل النبي عليه الصلاة والسلام لهذه الأمة ليقوِّم أخلاقها .
تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي
آية
{ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (27) } لهذه الآية معانٍ كثيرة ، الأنبياء جميعاً دعوتهم واحدة ، فالذي لا يفرِّق بين الأنبياء ، يجعل كل الأنبياء مبعوثين من عند الله عزَّ وجل معهم كتاب الله ، يعتقد بالأنبياء جميعاً اعتقاداً صحيحاً ، هذا لم يقطع ما أمر الله به أن يوصل ، هذا معنى ، وهناك معنى آخر : كل إنسان يدعو إلى معصية يقطع الناس عن الله عزَّ وجل وقد أمروا أن يتصلوا بالله من دَلَّ على كسبٍ حرام قطع هذا المكتسب عن الله ، أي إنسان دعا إلى معصية ، رَوَّج لمعصية ، دعا إلى دنيا مُغرية ، رَغَّب الناس بشيءٍ لا يرضي الله ، دعا الناس إلى شراء جهاز حتى يكون على مستوى العصر ، وحتى يَطِّلع على ما في العالم من أحداث ، كما يتوهم كل إنسان يدعو إلى شيء يقطع عن الله هو قاطع ، وأكبر كلمة وأكبر جريمة يرتكبها الإنسان أن يكون قاطعاً عن الله .
تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي
آية
{ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (27) } هناك حقيقة واحدة في الكون هي الله ، أي عمل يقرِّبُك من الله هذا عمل عظيم ، وأي عمل يبعدك عن الله عزَّ وجل فهو عمل خسيس ، فشراء مجلة غير منضبطة مشكلة ، شاب يطَّلع على صور الفنانات في أوضاع مغرية في مجلة مشكلة ، وهذه المجلة ومثيلاتها ينبغي ألا تدخل هذا البيت ، هناك من يشتري هذه المجلاَّت ويضعها في عيادته من أجل أن يستمتع المرضى قبل الدخول إلى غرفة المعاينة ، هذا يقطع ما أمر الله به أن يوصل . أيها الأخوة ، هؤلاء يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، وبالمناسبة إذا وجدت إنساناً له شيخ في مسجد ، ملتزم ، متألِّق ، دَعْهُ لا تدخل بتفاصيل ، لا تقطعه عن هذا المسجد ، هذا مصدر سعادته ، مصدر انضباطه ، إلا بحالات نادرة جداً ، إذا كانت هناك عقيدة منحرفة خطيرة جداً في هذا المسجد ، هذا موضوع ثانٍ ، أما بشكل عام فلا يكن همُّك قطع إنسان موصول بالله عن طريق جماعة ، عن طريق مسجد ، عن طريق شيخ ، هذا عمل تخريبي .
تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي
آية
{ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (27) } إيَّاك أن تكون أداة قطعٍ ، بل كن أداة وصلٍ ، لذلك : ليس منا من فَرَّق . حتى بعض المؤسسات مثلاً تعلق أنها تريد موظفاً يعمل لديها غير متزوج ، أو غير مصحوب بزوجته ، في دول الخليج أحياناً يطلبون موظفاً من دون زوجة ، زوجته أقرب الناس إليه ، ليس في الإمكان أن يعيش بعيداً عنها ، وليس في إمكانها أن تعيش بعيدةً عنه ، لا نقبلك بزوجة ، يبقى سنةً بأكملها في مكان ، وزوجته في بلد آخر ، هؤلاء يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، هؤلاء الذين يفرِّقون شمل الأسرة هؤلاء ليسوا على حق ، يأمرك القرآن والسنَّة أن تجمع شمل الأسرة ، هذه الآية واسعة جداً لا تنتهي .
تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي
آية
{ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ (27) } يفسدون العلاقات ، يفسدون الأخلاق ، يفسدون براءة الصِغار ، هناك أعمال فنية مستوردة تُعْرَض على الصغار فيها كل شيء من الفسق والفجور والعلاقات الغرامية ، طفل عمره ثلاث سنوات أو أربع سنوات يشرب مع دمه هذه العلاقات الشائنة عن طريق أفلام نستوردها ، هذه لا تجوز ، لا بدَّ من أعمال تناسب الصغار المؤمنين ، كل عمل يُبعدك عن الله عزَّ وجل هذا قطعٌ لما أمر الله به أن يوصل .
تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي