لا تحزن
للشيخ /عائض القرني
الإيمانُ أعظمُ دواء - اللهُ يجيبُ المُضْطرَّ
الإيمانُ أعظمُ دواء
يقول أبرزُ أطباءِ النفسِ الدكتورُ كارل جائغ في الصفحة (264) من كتابِهِ « الإنسانُ الحديثُ في بحثهِ عنِ الروحِ » : « خلال السنواتِ الثلاثين الماضيةِ ، جاء أشخاصٌ من جميعِ أقطارِ العالمِ لاستشارتي ، وقد عالجتُ مئاتِ المرضى ، ومعظمُهم في منتصفِ مرحلةِ الحياةِ ، أيْ فوق الخامسةِ والثلاثين من العمرِ ، ولمْ يكنْ بينهمْ من لا تعودُ مشكلتُه إلى إيجادِ ملجأ ديني يتطلَّع من خلالِهِ إلى الحياةِ ، وباستطاعتي أنْ أقول : إن كلاّ منهم مرِض لأَّنهُ فقد ما مَنحهُ الدينُ للمؤمنين ، ولم يُشْف من لمْ يستعِد إيمانه الحقيقيَّ » .
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ .
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ ﴾ .
﴿ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴾ .
اللهُ يجيبُ المُضْطرَّ
كاد المهاتما غاندي – الزعيمُ الهنديُّ بعد بوذا – ينهارُ لولا أنه استمدَّ الإلهام من القوةِ التي تمنحُها الصلاةُ ، وكيف لي أنْ أعلم ذلك ؟ لأنَّ غاندي نفسهُ قال : لو لمْ أصلِّ لأصبحتُ مجنوناً منذُ زمنٍ طويلٍ .
هذا وغاندي ليس مسلماً ، وإنما هو على ضلالةٍ ، لكنهُ على مذهبِ : ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ . ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ . ﴿ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ .
سبرتُ أقوال علماءِ الإسلامِ ومؤرخيهم وأدبائِهمْ في الجملةِ ، فلمْ أجدْ ذاك الكلام عن القلقِ والاضطرابِ والأمراضِ النفسيةِ ، والسببُ أنهم عاشوا من دينِهمْ في أمن وهدوءٍ ، وكانتْ حياتُهم بعيدةً عن التعقيدِ والتكلُّفِ : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ .
اسمعْ قول أبي حازمٍ ، إذْ يقولُ : « إنما بيني وبين الملوكِ يومٌ واحدٌ ، أما أمسِ فلا يجدون لذَّته ، وأنا وهُمْ منْ غدٍ على وَجَلٍ ، وإنما هو اليومُ ، فما عسى أن يكون اليومُ ؟! » .
وفي الحديثِ: (( اللهمَّ إني أسالُك خَيْرَ هذا اليومٍ : بركته ونَصْرَهُ ونُورَهُ وهدايتَهُ )).
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ ﴾ وقولٌه تعالى : ﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ﴾ .
وقال الشاعر :
فإنْ تكنِ الأيامُ فينا تبدِّلتْ |
| بِبُؤسى ونُعْمَى والحوداثُ تفعلُ |
فما ليَّنتْ منّا قناةً صليبة |
| ولا ذللتنا للتي ليس تجملُ |
ولكنْ رحلناها نفوساً كريمةً |
| تُحمَّلُ مالا يُستطاعُ فتحملُ |
وقيْنا بحسنِ الصبر منَّا نفوسنا |
| وصحَّتْ لنا الأعراضُ والناسُ هُزَّلُ |
﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{147} فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ .