الاستقامة في مائة حديث نبوي
الدكتور محمد زكي محمد خضر
الباب السابع الإستقامة في تزكية النفوس
ـ94 ـ الخوف من الذنوب
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
ـ" إن المُؤمنَ يَرى ذَنبَهُ كأنَّهُ في أصل جَبَل يَخافُ أن يَقَعَ عَليه وإنّ الفاجرَ يَرى ذُنوبَهُ كَذُباب وَقَعَ عَلى أنفه فقال لَهُ هكذا " رواه الترمذي وأحمد
قال الله تعالى : " فَلا تُزَكّوا أنفُسَكُم هُوَ أعلَمُ بمَن اتَّقى " (20) ، فالمؤمن لا ينظر إلى نفسه إلاّ بعين اللوم والمحاسبة ولا ينظر إليها بعين الفخر والتزكية والعجب . وهكذا فهو بذلك يرقى في مراتب القرب من الله غير ملتفت إلى ما حصل عليه من ثواب آملا المزيد ، بل يخاف من الذنوب والخطايا مهما كانت صغيرة فرب مهلكة صغيرة أحبطت أعمال خير كثيرة ، ولسان حاله يقول : لا تنظر إلى صغر ذنبك ولكن إنظر لمن عصيت!! وإن أكبر عقبة في إكتساب درجات القرب من الله تعالى هو التهاون في المعاصي. فالمؤمن يخاف ذنوبه مهما كانت صغيرة و يراقب نفسه ، ويستغفر الله مما ألمّ به من ذنوب على الدوام ، فرب صغائر اجتمعت على صاحبها فأهلكته ، كما سبق في الحديث(63). لذلك فالمؤمن يخشى الله ويَتَّقْهِ ويرجو رحمته وثوابه ولا يتَّكِلَ إلى عمله مهما قدم من أعمال صالحة . فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " لايَدخُلُ أحد الجنَّةَ بعَمَله " ، قيل ولا أنت يارسول الله!! قال: " ولا أنا إلاّ أن يتَغَمَّدَني اللّهُ برَحمَته " (21). وهذا الأسلوب وسيلة لتزكية النفس وتطهيرها مما يلمّ بها من ذنوب ومعاصي مهما كانت صغيرة . وفي مقابل ذلك إن رأى ذنبا من غيره ستره والتمس لصاحبه العذر فذلك دأب الصالحين دوما.
المراجع :
ـ20ـ سورة النجم الآية 31.
ـ21ـأنظر الهامش 70 الباب الأول.