الأحد، 3 أغسطس 2014

[zmn1.com] "فصيلة" الصمت

"فصيلة" الصمت



أحمد حسن الزعبي

مقال الأحد 3-8-2014
النص الأصلي
في منتصف القرن الماضي ، اشتهر نائب لبناني بصمته المطبق في المجلس ، فلم يذكره التاريخ ولا  من عاصروه انه نطق بكلمة واحدة في الجلسات التي كانت تعقد أسبوعيا وتبحث شؤون البلاد والعباد ، كما لم يتذمّر ولو بكلمة واحد – كما يفعل النواب- بضعف الخدمات وقلة الرعاية الحكومية لمنطقته أو طائفته، بل كان يفضل الصمت و"الطقطقة" بالمسبحة وهو أقصى صوت كان  يصدر عن قامته وبدلته "الكحلية" وطربوشه الأحمر..
وفي إحدى الجلسات الساخنة التي كانت تناقش مصير الحكومة اللبنانية آنذاك والنقاش محتدم بين الكتل والتحالفات،  والكل يريد ان يخرج منتصراً في معركة الإبقاء أو الرحيل، رفع النائب الصامت إصبعه وطلب من الرئاسة الكلام..وعندما أعطي له الحق في الحديث وسط دهشة زملائه،قال:
-  في الجنوب ،هناك مرض يفتك بالبقر وهو يهدد المزارعين في أرزاقهم ويجب على الحكومة ان تبادر بلا تقاعس إلى مكافحته بالوسائل الناجعة.
وما أن جلس، حتى همس أحد النواب المشهورين بالنكتة آنذاك المرحوم يوسف الخازن  في إذن زميله قائلاً: (المرة الماضية هذا الرجل تكلّم أحسن من هذه المرة) فانتفض زميله وقال : ( كيف أحسن..لك ما بحياته حكي هالمعثر)..فقال له الخازن: (بالضبط هذا ما قصدته)...
***
على المستوى الدولي ، استطيع أن أقول أننا متطابقون مع موقف النائب الصامت ، فالهجوم الماضي على غزة تكلّمنا أفضل من هذه المرة...فعندما يصرّح الرئيس البوليفي "ايفو موراليس" أن إسرائيل (دولة إرهابية ) ويجمد الاتفاقيات السياحية معها...بينما وزير الخارجية لم تستدل قريحته اللغوية بعد، سوى على عبارة " أن الهجوم عل غزة خطير جدا"...وعندما تقرأ وتسمع وتشاهد أن تشيلي والسلفادور والبيرو استدعوا سفراءهم من (إسرائيل) ..بينما ما زال السفيران في مصر والأردن والقائم  بالأعمال في قطر..يسرحون ويمرحون ويصفقون لمرور كل دبابة على قدم صغيرة...تحسّ أن أمريكا اللاتينية متاخمة للحدود من فلسطين أكثر منا...وعندما تقرأ وتسمع وتشاهد أن تشيلي والسلفادور والبيرو استدعوا سفراءهم من (اسرائيل) تحس أن الوطن العربي صار بحاجة إلى "تحميله" بحجم صاروخ "توما هوك" لخفض حرارة الخجل الذي اعتراه...
في السابق كانوا يقولون أن "الصمت فضيلة"...لكن على ما يبدو أن "الصمت فصيلة"...
 
وغطيني يا كرمة العلي.
ahmedalzoubi@hotmail.com