مقامات المتقين في كتاب رب العالمين️
بسم الله الرحمن الرحيم
ما أجمل أن يصف الله عز وجل في قرآنه الكتاب الخالد فئة من عباده
يختصهم بصفات ويُفيض عليهم من فضله كرامات
, فيأخذ فى وصفهم وصفا يشوّق النفس ويجعلها تتحرق أملا أن تكون مثلهم , وصفا يشحذ الهمم لترقى رقيهم
ويبعث على الرجاء فى ان يكون المرء منا واحدا منهم .
فتسمو الروح ويزيد البِشر ويتجدد الأمل طمعا فى حب الله ورضاء الله ومدح الله وثناء الله , ولم لا ؟
والفئة المرضية عنها من الله تنعم بما لاينعم به غيرها وتسعد برحمات وكرامات ربها ويكتب لها الفضل والكرامة
والبشرى والزيادة والعصمة .
ومن هذه الفئات المُميزة من عباد الله التى تناولها السياق القرآنى العظيم فى العديد من الآيات والذكر الحكيم
تناولا للنفس محببا وللقلب مطمأنا وللآمال باعثا وللهمم دافعا هى فئة المتقين – جعلنا الله جميعا منهم - .
فقد جاء فى مواضع كثيرة من القرآن الحديث عنهم بأسلوب مشوق رائع .. فالله الله اجعلنا منهم .
الكرامة الأولى :
( كرامة البشارة )
اختص الله عز وجل ومَيّز المتقين فى القرآن بكرامة البشارة .
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى} . سورة يونس : 63-64 .
مُتقون !!!
لأنهم امتثلوا الأوامر واجتنبوا المعاصى .
فياترى ماهى البشارة التى تكرم الله بها عليهم ؟
أهى بشارة بالرضا والرحمة .
أم بشارة بتكفير السيئات .
أم بشارة بزيادة الحسنات .
أم بشارة بجنة عرضها السموات .
أم بشارة بنظرة حَنان من الحنّان المنّان .
أم بشارة بشربة ماء منه تعالى : وسقاهم ربهم شرابا طهورا.
أم بشارة بصحبة النبى وآله وصحبه .
أم بشارة بالحور العين الحسان .
أم بشارة بالنعيم المقيم .
أم بشارة بكل ماسبق،،
(( الخوف ))
للخوف سبب واحد وللأمن سبيل واحد،
أما الخوف فإن سببه في المقام الأول عدم سكينة القلب بالله تعالى، إذ أن
العبد الذي يسكن قلبه بالأنس بمولاه لا تؤثر فيه حوادث الدنيا
مهما عظمت إذ كفى بالله لقلبه مؤنساً، وهل يُفزع
القلب المستأنس بربه شيئاً من أمور هذه الدنيا الحقيرة؟!
أما سبيل الأمن الأوحد فهو بذل الغالي والنفيس للفوز
بالدار الباقية بصدق النية وصواب العمل،
إذ أن استشعار رجاء عمار الآخرة يلقي بظلالٍ من الأمن والطمأنينة
على نفس العبد خلال أيام عمره القصيرة في هذه الدنيا سريعة الزوال،
وهل يعادل النجاة من أهوال يوم القيامة
أي نوع من الأمان؟ فاللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك
، ونجنا برحمتك من فتن الدنيا وعذاب الآخرة، إنك على كل
شيء قدير وبالإجابة جدير وأنت سبحانك نعم المولى ونعم النصير.
قال ابن عبد البر:
أَنْشَدَنَا ابن الفرضي لِنَفْسِهِ:
أسير الخطايا عند بابك واقفٌ...
على وَجَل ممّا به أنتَ عارفُ...
يخافُ ذنوباً لَمْ يغبْ عنكَ غيبها...
و يرجوك فيها فهو راجٍ و خائفُ...
و مَنْ ذا الذي يرجو سِواكَ و يتّقي..
و ما لك في فصل القضاء مُخالفُ...
فَيَا سيّدي لا تُخزِني في صحيفتي...
إذا نُشِرَتْ يوم الحساب الصّحائفُ...
[تحفة العلماء بترتيب سِيَر أعلام النّبلاء،ص ٤٩٥-٤٩٦]
اللهم امين اللهم امين