كتاب صفة الجنة
تأليف
الحافظ ضياء الدين
أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الحنبلي المقدسي
ذكر ريح الجنة نسأل الله من فضله بفضله - ذكر فرح الحور العين بأزواجهن - ذكر الأمر بطلب الجنة - ذكر أن الله جل وعلا أمر بالمسارعة إلى الجنة قال الله عز من قائل: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض) وقال عز وجل : (والله يدعو إلى دار السلام)
ذكر ريح الجنة نسأل الله من فضله بفضله
(151) عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة مئة عام. رواه البخاري بنحوه في الجزية والديات عن قيس يبن حفص عن عبد الواحد بن زياد عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو ولم يذكر بينهما جنادة والله أعلم بالصواب وقال فيه مسيرة أربعين عاما.
(152) عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول صلى الله عليه وسلم من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة وإن ريح الجنة يوجد من مسيرة مئة عام. لفظ معلل وقال أحمد بن حياب لم يجد ريح الجنة وإن ريحها ليوجد. والباقي مثله قال الطبراني لم يروه عن عوف إلا عيسى بن يونس ورواه الترمذي بنحوه من رواية ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة وفيه مسيرة سبعين خريفا. وقال حسن صحيح. وإسناده عندي على شرط الصحيح والله أعلم.
(153) عن قتادة عن الحسن أو غيره عن أبي بكرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ريح الجنة يوجد من مسيرة مئة عام. كذا رواه معمر عن قتادة ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة فقال في روايته خمسمئة عام. وكذلك رواه حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن ورواه شبيب بن شيبة عن الحسن كرواية يونس .
ذكر فرح الحور العين بأزواجهن
(154) عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي قال ذكر النار فعظم أمرها ذكرا لا أحفظه قال: (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) حتى انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان فعمدوا إلى إحداهما كأنما أمروا به فشربوا منها فأذهب ما في بطونهم من قذى أو أذى أو بأس ثم عمدوا إلى الأخرى فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم ولم تغبر أشعارهم بعدها أبدا ولم تشعث رءوسهم كأنما ادهنوا بالدهان ثم انتهوا إلى خزنة الجنة فقالوا: (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) ثم تلقى الولدان يطيفون بهم كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم يقدم عليهم من غيبته يقولون له أبشر بما أعد الله يعني لك من الكرامة ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين فيقول جاء فلان باسمه الذي كان يدعى في الدنيا قال أنت رأيته قال أنا رأيته وهو بإثري فيستخف إحداهن الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنيانه فإذا جندل اللؤلؤ فوقه صرح أخضر وأحمر وأصفر من كل لون ثم رفع رأسه فنظر إلى سقفه فإذا مثل البرق ولولا أن الله عز وجل قدره على النظر لذهب بصره ثم طأطأ رأسه فإذا أزواجه وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ثم نظروا إلى تلك النعمة واتكأوا فقالوا: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي) الآية ثم ينادي مناد تحيون فلا تموتون أبدا وتقيمون فلا تظعنون أبدا وتصحون فلا تمرضون أبدا. قال أبو إسحاق كذا قال .
ذكر الأمر بطلب الجنة
(155) عن كليب بن حزن رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اطلبوا الجنة جهدكم اهربوا من النار بجهدكم فإن الجنة لا ينام طالبها وأن النار لا ينام هاربها وأن الآخرة اليوم محففة بالمكاره وأن الدنيا محففة باللذات والشهوات فلا تلهينكم عن الآخرة. هذا لفظ يعلى بن الأشدق تكلم فيه وكذلك إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي المحرمي وفي رواية سلامة يقول يا قوم اطلبوا الجنة جهدكم واهربوا من النار جهدكم. وفيه ألا إن الآخرة محففة. وآخره الشهوات .
ذكر أن الله جل وعلا أمر بالمسارعة إلى الجنة قال الله عز من قائل: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض) وقال عز وجل : (والله يدعو إلى دار السلام)
(156) عن سعيد بن ميناء قال حدثنا أو سمعت جابرا يقول جاءت ملائكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقال بعضهم أنائم فقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا مثله كمثل رجل بنى دارا فجعل فيها مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فأولوها فقال بعضهم إنه نائم وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان قالوا الدر الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم من أطاع محمدا فقد أطاع الله ومن عصى محمدا فقد عصى الله ومحمد فرق بين الناس. صحيح رواه البخاري في كتاب الاعتصام عن محمد بن عبادة الواسطي عن يزيد بن هارون بنحوه.
(157) عن أنس بن مالك قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن سيدا بنى دارا واتخذ مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد ألا وإن السيد الله والدار الإسلام والمأدبة الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم.