الخميس، 2 يناير 2014

[zmn1.com] من اجل تطوير الوسائل

غيّروا "الكلمات" تُرزقون

أحمد حسن الزعبي

1/1/2014
   

مقال صحيفة الرأي الأردنية الخميس 2-1-2014

النص الأصلي

منذ سنتين وأنا أشاهدها تجلس - كل يوم-  أمام المطعم بنفس الوضعية... وللدقة أكثر ، على نفس كرتونة زيت "عافية".. أحياناً تتجرّأ وتمدّ يدها على مقلى "الفلافل" خاوة تأكل ما طاب لها كونها جارة "المطعم" ، وأحياناً تصفع الفتى الواقف خلف الصاج على "عنقوره" كنوع من  المودّة ، وأحيانا أخرى تكون مشغولة بحديث ودّي مع أحد المارة ،أو تتبادل القفشات مع صاحب "بكم" الموز القريب...الغريب أنها   كلما شاهدتني أهم بدخول الكافتيريا ، تتظاهر بالحزن والمسكنة،ثم تمد يدها بموازاة قفصي الصدري مطلقة العبارات المسيلة للخنوع ذاتها :  يفتحها بــ"وجهك" إلهي، ييسّرلك طريقك يا رب،يا خوي ساعدني.. الله يعلم بالحال..

لا أعرف لمَ تُغيّر  موجة الضحك كلما رأت "سحنتي" لتقلبها نكد على حظّي... ثم أنني نبّهتها أكثر من مرّة ألّا تعيد عبارة "يفتحها بوجّهك" بنفس الطريقة التي تنطقها ، فترّكز على حرفي الجيم والكاف بصورة أقرب إلى الشتيمة منها إلى الدعاء..ولأنها ما زالت تصرّ على نفس طريقة عرض حاجتها ...لا أذكر أنها ظفرت منّي بمبلغ مادي طوال السبعمئة يوم التي التقتني فيها...ولأكون صادقاً كل ما حصلت عليه منّي ..علك نعنع "شعراوي".. وحبّة منظّم للدهون "لوبيد 600" كنت قد وجدتها في جيبي لحظة التصدّق..!

طبعاً هذا لا ينطبق عليها وحدها، فكل العبارات الممجوجة التي يطلقها زملاء المهنة ..مثل "يستر على ولاياك  جوزي مريض..من مال الله لهالايتام..عندي 3 أولاد معاقين والله يعلم بالوضع... مكسور علي فاتورة كهربا لشهرين"..لم تعد  تجدي نفعاً، كما لم تعد  تدرّ قطرة عاطفة واحدة من ضرع المنطق!!..لأن المشحود منه "مريض أكثر من جوزها"..و"ربما يكون يتيماً اكس لارج"..وعنده العائلة كلها "تريللّي"..ومكسور عليه فاتورة لثلاثة أشهر...في نفس الوقت أعترف أنه أحدهم قد "بلصني" بطريقة ذكية جدّاً عندما اقترب مني بأدب وبأناقة ملفتة ، طلب منّي ديناراً واحداً فقط ليستطيع العودة إلى بيته بعد أن فقد جزدانه..أعطيته خمسة فرفض وأصرّ على الدينار..وعندما اعتذرت لعدم وجود "فراطة" أصرّ على أخذ رقم تلفوني ليعيدها لي في أقرب وقت..في اليوم التالي وجدته بنفس المكان ..يتكلّم مع شخص آخر بنفس الطريقة المؤدّبة ثم أخرج الضحية جزدانه وناوله مبلغاً مالياً...

**

ما أقصده ..إذا أردنا الحصول على مساعدات من الدول العربية النفطية علينا أن نغيّر طريقة طلب المساعدة، فالحديث عن العروبة والأخوة ، والعلاقات الثنائية، والتاريخ المشترك، وأطول خط مواجهة  "بطّلت تنفع" ..كما أنّ الأشقاء لم تعد تدرّ عندهم  قطرة عاطفة واحدة تجاهنا بعد أن ملّوا من عبارات "الله يعلم بالحال".."ومكسور علينا فاتورة نفط"..و"عندنا قواريط بنصرف عليهم، وأجونا لاجئين سوريين"..فالمبدأ السائد هذه الأيام "لا عروبة ولا أخوة والحياة مادة"...

 لذا أنصح مسؤولينا أن " غيّروا الكلمات لعلّكم تُرزقون "...وإلا، لن تظفروا سوى  بــ"علك نعنع" و"حبّة منظّم"!!..

 أحمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com