الجمعة، 31 يناير 2014

(¯`*•أهـل الشام•*´¯) سلسلة المجاهدون - الملك نجم الدين إيلغازي

 

 

 

 

 

سلسلة المجاهدون

 

 

الملك نجم الدين إيلغازي

 

 

النسب و القبيلة

 

هو الملك نجم الدين إيلغازي ابن الأمير أرتق بن أكسب التركماني ، كان ذا شجاعة ، و رأي ، و هيبة وصيت ، حارب الفرنج غير مرة ، و أخذ حلب بعد أولاد رضوان بن تتش .

 

جهاده و أهم المعارك و دوره فيها

 

أيقظت الحملات الصليبية أمراء وحكام المسلمين للدفاع عن دينهم وبلادهم، جاءت الحملات الصليبية و التي تحمل في طياتها الحقد والحسد والبغضاء على الإسلام ، إلا أن هذه الحملات أيقظت المسلمين من سبات عميق ، فوضحت لهم رؤيا النصارى ، وحقدهم الدفين على الإسلام و أهله ، كانت النتيجة الطبيعية للحملات الصليبية أن يظهر من بين المسلمين قادة يحملون راية الجهاد ، من هؤلاء القادة الذين رفعوا راية الجهاد الأمير إيلغازي الذي حارب الفرنج ونكل بهم في وقائع كثيرة .

استولى الفرنجة على كثير من المقاطعات الإسلامية، وخربوا كذلك كثير من البلاد، من هذه البلاد حلب ولم يكن بحلب من الذخائر ما يكفيها شهراً واحداً، فخاف أهلها خوفاً شديداً من ملاقاة الفرنجة، ولما رأى الفرنج حالة أهل حلب راسلوهم على أن يسلموهم حلب إلا أن أهلها رفضوا ذلك، مستغيثين بأهل بغداد إلا أن النصرة لم تأت ولم يغاثوا .

و كان الأمير إيلغازي ، صاحب حلب، ببلدة ماردين يجمع العساكر و المتطوعة للغزاة ، فاجتمع عليه نحو عشرين ألفاً ، و كان معه أسامة بن المبارك بن شبل الكلابي ، و الأمير طغان أرسلان بن المكر ، صاحب بدليس و أرزن ، و سار بهم إلى الشام، عازماً على قتال الفرنج .

فلما علم الفرنجة قوة عزمهم على لقائهم، وكانوا ثلاثة آلاف فارس، وتسعة آلاف راجل، ساروا فنزلوا قريباً من الأثارب ، بموضع يقال له تل عفرين ، بين جبال ليس لها طريق إلا من ثلاث جهات، وفي هذا الموضع قتل شرف الدولة مسلم بن قريش

وظن الفرنجة أن أحداً لا يسلك إليهم لضيق الطريق، فأخلدوا إلى المطاولة، ومن عادة الفرنجة أنهم إذا رأوا قوة المسلمين،راسلوهم بأنهم قادمين عليهم لبث روح الرعب في قلوب المسلمين ، فراسلوا إيلغازي قائلين له:  لا تتعب نفسك بالمسير إلينا ، فنحن واصلون إليك، فأعلم أصحابه بما قالوه ، و استشارهم فيما يفعل ، فأشاروا بالركوب من وقته ، و قصدهم ، ففعل ذلك ، و سار إليهم ، و دخل الناس من الطرق الثلاثة ، ولم تعتقد الفرنجة أن أحداً يقدم عليهم، لصعوبة المسلك إليهم ، فلم يشعروا إلا وأوائل المسلمين قد غشيتهم ، فحمل الفرنجة حملة منكرة ، فولوا منهزمين، فلقوا باقي العسكر متتابعة ، فعادوا معهم، و جرى بينهم حرب شديدة ، و أحاطوا بالفرنجة من جميع جهاتهم ، و أخذهم السيف من سائر نواحيهم ، فلم يفلت منهم غير نفر يسير ، و قتل الجميع ، و أسروا .

و كان من جملة الأسرى نيف وسبعون فارساً من مقدميهم ، و حملوا إلى حلب ، فبذلوا في نفوسهم ثلاثمائة ألف دينار ، فلم يقبل منهم ، وغنم المسلمون منهم الغنائم الكثيرة.

وأما سيرجال ، صاحب أنطاكية ، فإنه قتل وحمل رأسه، وكانت الوقعة منتصف شهر ربيع الأول ، ثم تجمع من سلم من المعركة مع غيرهم ، فلقيهم إيلغازي أيضاً ، فهزمهم ، و فتح منهم حصن الأثارب ، و زردنا ، و عاد إلى حلب ، و قرر أمرها ، وأصلح حالها، ثم عبر الفرات إلى ماردين .

وكان هذه الواقعة في عام 513 هـ .

و استولى إيلغازي كذلك على ميافارقين وغيرها قبل موته بسنة ، ثم سار منجدا لأهل تفليس هو و زوج بنته ملك العرب دبيس الأسدي ، و انضم إليهما طغان صاحب أرزن ، و طغريل أخو السلطان محمود السلجوقي ، و ساروا على غير تعبئة ، فانحدر عليهم داود طاغية الكرج ، فكبسهم، فهزمهم ، و نازل اللعين تفليس و أخذها بالسيف ، ثم جعلهم رعية له ، و عدل و مكنهم من شعار الإسلام ، و أمر أن لا يذبح فيها خنزير، و بقي يجئ و يسمع الخطبة ، و يعطي الخطيب والمؤذنين الذهب ، و عمر ربطا للصوفة ، و كان جوادا محترما للمسلمين.

و أما إيلغازي، فتوفي في رمضان بميافارقين سنة 516هـ ، فهذا أول من تملك ماردين ، و استمرت في يد ذريته .

 

قالوا عنه

 

أثنى عليه العلماء و مدحه الشعراء فقال الذهبي " كان فارساً شجاعاً كثير الغزو كثير العطاء " .



وقيل فيه

 

قل ما تشاء ، فقولك المقبول *** وعليك بعد الخالق التعويل

و استبشر القرآن حين نصرته *** و بكى لفقد رجاله الإنجيل

 

وفاته

 

اتفق أن أكل إيلغازي لحم قديد كثيراً و جوزاً أخضر و بطيخاً و فواكه ، فانتفخ جوفه وضاق نفسه ، و اشتد به الأمر، فرحل إلى حلب ، و تزايد به المرض ، فسار طغتكين إلى دمشق و بلك غازي إلى بلاده .

ودخل إيلغازي ليتدواى بحلب، فنزل القصر، ولم يخلص من علته.

أقام إيلغازي، وصلح من مرضه، وسار إلى ماردين، ثم خرج منها يريد ميافارقين، فاشتد مرضه في الطريق، وتوفي بالقرب من ميافارقين بقرية يقال لها: عجولين، في أول شهر رمضان من سنة 516هـ .