صيد الخاطر لابن الجوزي - رؤية النبي مناماً مثال لا مثل
قد أشكل على الناس رؤية النبي صلى الله عليه و سلم و قوله : من رآني في المنام فقد رآني . فقال : ظاهر الحديث أنه يراه حقيقة .
و في الناس من يراه شيخاً و شاباً و مريضاً و معافى .
فالجواب أنه من ظن أن جسد رسول الله صلى الله عليه و سلم المودع في المدينة خرج من القبر ، و حضر في المكان الذي رآه فيه ، فهذا جهل لا جهل يشبهه .
فقد يراه في وقت واحد ألف شخص ، في ألف مكان ، على صور
مختلفة .
فكيف يتصور هذا في شخص واحد ؟ و إنما الذي يرى مثاله لا شخصه .
فيبقى من رآني فقد رآني معناه : قد رأى مثالي الذي يعرفه الصواب ،
و تحصل به الفائدة المطلوبة .
فإن قيل : فما تقولون في رؤية الحق سبحانه ؟ .
فنقول : يرى مثالاً لا مثلاً ، و المثال لا يفتقر إلى المساواة و المشابهة ، كما قال تعالى : أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها .
فضربه مثالاً للقرآن و انتفاع الخلق به .
و يوضح هذا أنه إنما يرى من رأى الحق سبحانه و تعالى على هيئة مخصوصة ، و الحق سبحانه و تعالى منزه ، قد توحد ، فوضح ما قلنا .