ظاهرة ضعف الإيمان
وعدد من الناس يشتكي من قسوة قلبه وتترد عباراتهم: " أحس بقسوة في قلبي "
" لا أجد لذة للعبادات " " أشعر أن إيماني في الحضيض "، " لا أتأثر بقراءة القرآن "،
" أقع في المعصية بسهولة "، وكثيرون آثار المرض عليهم بادية، وهذا المرض
أساس كل مصيبة وسبب كل نقص وبلية .
نما القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهراً لبطن»
[رواه أحمد وكما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:«لقلب ابن آدم أسرع تقلباً من القدر إذا استجمعت غلياناً» [ صحيح
]: ظلال الجنة ، والله سبحانه وتعالى هو مقلب القلوب ومصرفها كما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «
إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك» [رواه مسلم].
الزمر:22] وأن الوعد بالجنة لـ {مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} [ق:33] كان لابد للمؤمن أن يتحسس قلبه
ويعرف مكمن الداء وسبب المرض ويشرع في العلاج قبل أن يطغى عليه الران فيهلك والأمر عظيم والشأن خطير
فإن الله قد حذرنا من القلب القاسي والمقفل والمريض والأعمى والأغلف والمنكوس والمطبوع المختوم عليه .
وكثرة الوقوع في المعصية يؤدي إلى تحولها عادة مألوفة ثم يزول قبحها من القلب تدريجياً حتى يقع العاصي في المجاهرة بها ويدخل في حديث«
كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول:
يا فلان عملت البارحة كذا، وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه» [رواه البخاري]
لا يترشح منه شيء ولا يتأثر بشيء، والله جل وعلا يقول: {
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } [البقرة :74]، وصاحب القلب القاسي لا تؤثر فيه موعظة الموت ولا رؤية الأموات ولا الجنائز،
وربما حمل الجنازة بنفسه وواراها بالتراب، ولكن سيره بين القبور كسيره بين الأحجار .
وعدم التدبر والتفكر في معاني الأذكار، فيقرؤها بطريقة رتيبة مملة هذا إذا حافظ عليها،
ولو أعتاد أن يدعو بدعاء معين في وقت معين أتت به السنة فإنه لا يفكر في معاني هذا الدعاء والله سبحانه وتعالى: «لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه» [رواه الترمذي, صحيح]
وإذا أداها فإنما هي حركات جوفاء لا روح فيها، وقد وصف الله عز وجل المنافقين بقوله: { وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى} [النساء :142] .
ويدخل في ذلك عدم الاكتراث لفوات مواسم الخير وأوقات العبادة وهذا يدل على عدم اهتمام الشخص بتحصيل الأجر،
فقد يؤخر الحج وهو قادر ويتفارط الغزو وهو قاعد، ويتأخر عن صلاة الجماعة ثم عن صلاة الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
:«لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يخلفهم الله في النار» [رواه أبو داود, :
والتبكير إلى المساجد وسائر النوافل
5- ضيق الصدر وتغير المزاج وانحباس الطبع حتى كأن على الإنسان ثقلاً كبيراً ينوء به،
فيصبح سريع التضجر والتأفف من أدنى شيء، ويشعر بالضيق من تصرفات الناس حوله وتذهب سماحة نفسه،
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم، الإيمان بقوله:«
الإيمان: الصبر والسماحة» [السلسلة الصحيحة] . ووصف المؤمن بأنه:«يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف» [السلسلة الصحيحة] .
فضعيف الإيمان يمل من سماع القرآن، ولا تطيق نفسه مواصلة قراءته فكلما فتح المصحف كاد أن يغلقه .
وإذا رفع يده للدعاء سرعان ما يقبضهما ويمضي وقد وصف الله المنافقين بقوله:{وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء : 142 ثانيا: علاج ضعف الإيمان
فأسالوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم» [رواه الحاكم في المستدرك فأن الإيمان يبلى في القلب كما يبلى الثوب
إذا اهترأ وأصبح قديماً، وتعتري قلب المؤمن في بعض الأحيان سحابة من سحب المعصية فيظلم وهذه الصورة صورها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقوله في الحديث الصحيح: «ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر، بينا القمر مضيء إذ علته سحابة فاظلم، إذ تجلت عنه فأضاء»[ ، وكذلك قلب المؤمن تعتريه أحياناً سحب مظلمة من المعصية، فتحجب نوره، فيبقى الإنسان في ظلمة ووحشة، فإذا سعى لزيادة إيمانه واستعان بالله عز وجل
انقشعت تلك السحب، وعاد نور قلبه يضيء كما كان .
ودواء فعالاً قال الله عز وجل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82] أما طريقة العلاج فهي التفكر والتدبر .
حتى إنه في إحدى الليالي قام يردد آية واحدة من كتاب الله، وهو يصلي لم يجاوزها حتى أصبح» وهي قوله تعالى:
{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة :118] [رواه أحمد,
أن تنقل قلبك من وطن الدنيا فتسكنه في وطن الآخرة، ثم تقبل به كله على معاني القرآن واستجلائها، وتدبر وفهم ما يراد منه، وما نزل لأجله،
وأخذ نصيبك من كل آياته، وتنزلها على داء قلبك، فإذا نزلت هذه الآية على داء القلب برئ القلب بإذن الله " .
وسريانه إلى الجوارح لتنطق عن طريق العمل بما وعاه القلب فهو ملكها وسيدها وهي بمثابة جنوده وأتباعه فإذا صلح صلحت وإذا فسد فسدت
: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
[الزمر:67] . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض
» [رواه البخاري] . ويتضعضع الفؤاد ويرجف القلب عند التأمل في قصة موسى عليه السلام لما قال: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} [الأعرف:143] فقال الله:
{قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
} [الأعراف:143] . ولما فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية قرأها وقال بيده: (هكذا - ووضع الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر - ثم قال عليه الصلاة والسلام:
«فساخ الجب» الحديث [رواه الترمذي,وأحمد] وساق ابن كثير طرق الحديث في تفسيره 3/466، قال ابن القيم: [إسناده صحيح على شرط مسلم،
وخرجه الألباني وصححه في تخريج السنة لابن أبي عاصم حديث 480] . والله سبحانه وتعالى: «حجابه النور، لو كشفه لحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» [
رواه مسلم] . ومن عظمة الله ما حدث به الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال:
«إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا للذي قال الحق وهو العلي الكبير»
[رواه البخاري] . والنصوص في هذا كثيرة والمقصود أن استشعار عظمة الرب بالتأمل في هذه النصوص وغيرها من أنفع الأشياء في علاج ضعف الإيمان 3- طلب العلم الشرعي: وهو العلم الذي يؤدي تحصيله إلى خشية الله وزيادة الإيمان به عز وجل كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [
وأثره في تقوية الإيمان ظاهر كبير، وقد ضرب الصديق في ذلك مثلاً عظيماً لما سأل الرسول صلى الله عليه وسلم، أصحابه
«من أصبح منكم اليوم صائماً ؟ قال أبو بكر أنا، قال فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر أنا، قال، فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً، قال أبو بكر أنا، قال فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر أنا،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة» [رواه مسلم] كتاب فضائل الصحابة
منقول |
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ
1429 -1432 TvQuran.com - .